السبت، 25 فبراير 2012

الجسم أقوى وأوضح من لغة الكلام

يعتقد علماء النفس بأن 60% من التواصل بين الناس يتم بصورة غير شفهية، أي عن طريق الإيماءات والإيحاءات والرموز، لا عن طريق الكلام، ويقال إن هذه الطريقة ذات تأثير أقوى بخمس مرات من التأثير الذي تتركه الكلمات.
ومن الأخطاء الجسيمة التي نقع فيها جميعاَ تجاهلنا للغة الجسد والإيماءات في محاولتنا فهم ما يقوله لنا أحدهم أو قراءة أفكاره، بل إننا نمضي ساعات في تحليل الكلمات التي قيلت لنا دون إدراك مغزاها لأننا لا نحسب بالشكل الكافي لغة الإيماءات.
يمكن فك الجدل التقليدي حول ما إذا كان الطرف الآخر مرتاح لنا بالاعتماد على إيماءاته وإيحاءاته ورموزه لا على كلامه، فالإيماءات جديرة بأن تقول ذلك ببلاغة أشدّ من الكلام، وهذه بعض الإيماءات والإيحاءات التي تحدث في حياتنا اليومية وقد لا نكون مدركين للمغزى أو التأثير النفسي المسبب لها ، فمثلا : مسّ اليد للوجه أثناء الحديث أمر مرتبط بالكذب، وكذلك الحال عند لمس الأنف أثناء الكلام، وقد يلجأ البعض إلى لمس الأذن عند التشكيك بكلام يقال أمامهم ، وعندما يعقد اجتماع ما لمؤسسة أو إدارة ويلقي المدير نكتة عرضية نجد أن كلاً من الحاضرين يصطنع ابتسامة مزيفة تظهر بوضوح في عضلات زاويتي فمه التي تُشَدّ وتُرخى في اتجاه الأعلى، أما في الابتسامة الحقيقية فإن عضلات أطراف العينين تتقلّص أيضاً.
وإذا شبكت المرأة يديها بشكل لين فهذا دليل انفتاحها على الجو المحيط بها، وعندما يهز البعض رؤوسهم في إشارة إلى التأييد والاهتمام نجد أن الشخص المتكلم يزيد من سرعة كلامه، بينما يشير تشابك الذراعين وتباطؤ رفرفة العينين إلى الملل أو إلى عدم الموافقة ما يحتمل أن يجعل المتكلم يبطئ في كلامه، أما أن يكون الإبهامان متلاصقين فهذا يعني أن المتحدث عقلاني وكريم ومثقف ويستطيع التأقلم مع الظروف العامة .
وعندما يجري تعريف بعض الناس إلى بعضهم الآخر يظهر مستوى ما من الاهتمام يُعبّر عنه بازدياد رفرفة أجفان العينين من 18 مرة إلى أكثر من 25 مرة في الدقيقة.
نحن نشاطر الآخرين الذين نكاد لا نعرفهم السوائل الباردة لأنها جاهزة ولا تتطلب وقتا، ونشاطر السوائل الساخنة الناس ذوي العلاقة الودية الأقوى بنا، لأنها تحتاج إلى زمن أكبر لتحضيرها، فهل هذا هو السبب الذي يجعلنا نقدم ضيافة من المشروبات الساخنة للناس الذين تجمعنا بهم الألفة والمودة، وربما لهذا السبب أيضاً يُعدّ تقديم أي مشروب آخر غير القهوة الساخنة نوعاً من الاستخفاف بالضيف الذي يشعر بشيء من برودة الاستقبال إذا لم تقدم له القهوة حصراً .
إن وضع اليدين على الطاولة باتجاه الشخص المتحدث بمثابة دعوة لتكوين علاقة حميمة، ويفضل المرء أن يتوجه بعد دخول السوق أو المحلات التجارية إلى اليمين لأنه سوف يستخدم يده اليمنى الأقوى، ويشعر بالانشراح إذا كانت الممرات واسعة بينما يشعر بالضيق إذا كانت هذه الممرات ضيقة، لذا يحاول أصحاب المخازن تنفيذ هذه الرغبات إذ يضعون السلع الغالية الثمن في اتجاه اليمين وفي الممرات الواسعة، ويجب أيضاً أن تكون السلع في تناول الزبون لأنه لا يشتري عادة أي سلعة لا يمسها بيده وقلما يشتري أحدنا سلعة كتب عليها - ممنوع اللمس-.
تعمد مطاعم الوجبات السريعة للإكثار من الألوان الفاقعة والحادة مثل الأحمر والأصفر وذلك لكي لا يشعر الزبون بالراحة ويطيل الجلوس في المطعم .
تبين جميع الأبحاث المتوفرة والقليلة بهذا الشأن أن لغة الجسد هي الجزء الأهم من أي رسالة تنتقل إلى الشخص الآخر وإن ما بين (50-80%) من المعلومات يمكن أن تنقل بهذه الطريقة وأن الرسالة غير الشفوية المنقولة هي غنية ومعقدة في طبيعتها، وتحتوي على تعابير الوجه والقرب من الشخص المتكلم، وحركات اليدين والقدمين، وملابس الشخص المتكلم ونظراته وتوتره وانفعالاته وما إلى ذلك .
كثيرون لا يعون لغات الأجسام ولا يلاحظون الإشارات التي تنبعث من أجسامهم وأجسام الآخرين ويتجاهلونها حول أشياء مهمة جداً.
ووحدها العيون تتخطى كل اللغات لتحكي ما يعجز عنه اللسان وتتسلل إلى أعماق النفس لتقول كلماتها الخاصة جدا، فهي لغة لا تعرف الكذب.
العين تمنح واحدا من أكبر مفاتيح الشخصية التي تدل بشكل حقيقي على ما يدور في العقل، فإذا اتسع بؤبؤ العين وبدا للعيان فإن ذلك دليل على أن الانسان سمع توا شيئا أسعده ، أما إذا ضاق بؤبؤ العين فالعكس هو الذي حدث ، وإذا ضاقت العينان ربما يدل على أنه لا يصدق، وإذا اتجهت عينه إلى أعلى جهة اليمين فأنه ينشيء صورة خيالية مستقبلية ، وأذا اتجه بعينه إلى أعلى اليسار فإنه يتذكر شيئا من الماضي له علاقة بالواقع الذي هو فيه، وإذا نظر إلى أسفل فإنه يتحدث مع أحاسيسه وذاته حديثا خاصا.
أما إذا رفع المرء حاجبا واحدا فإن ذلك يدل على أنه لا يصدق ما سمعه أو يراه مستحيلا، أما رفع كلا الحاجبين فيدل على المفاجأة، أما إذا قطب بين حاجبيه مع ابتسامة خفيفة فإنه يتعجب ولكنه لا يريد أن يكذّب واذا تكرر تحريك الحواجب فإنه مبهور ومتعجب من الكلام وموجات الكلام تدخل إلى دماغه بأكثر من شكل .
وإذا حك أنفه أو مرر يديه على أذنيه ساحبا إياهما بينما يقول إنه يفهم فهذا يعني أنه حائر ومن المحتمل انه لا يعلم مطلقا ما يجب فعله، ووضع اليد أسفل الأنف فوق الشفة العليا دليل أنه يخفي شيئا ويخاف أن يظهر منه.
أما إذا قطب جبينه وطأطأ رأسه في عبوس فذلك يعني أنه حائر أو مرتبك أو لا يحب سماع ما قيل توا، وإذا قطب جبينه ورفعه إلى أعلى فإن ذلك يدل على دهشته، أما عندما يهز الشخص كتفه فيعني انه لا يبالي، وعند نقر الشخص بأصابعه على ذراع المقعد أو على المكتب فذلك يشير إلى العصبية أو عدم الصبر، وعندما يربت الشخص بذراعيه على صدره فهذا يعني أنه يحاول عزل نفسه عن الآخرين أو يدل على أنه خائف بالفعل .
هذه الإشارات تعطي فكرة عن لغة الجسد وكيف يمكن استخدامها في إبراز قوة الشخصية و التعرف على ما يفكر به الآخرون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق